img

احتفالية الشمس

يحتفل المصريون -شأن كل شعوب العالم- بمناسبات دينية أو موسمية متعددة. وتتخذ الاحتفالات شكل أعياد تتصف بمظاهر تميزها، وتختلف باختلاف المناسبة، لكنها في مجموعها تغلب عليها البهجة، ويصحبها مجموعة من الممارسات التي يختلط فيها الديني بالاجتماعي والترفيهي، وفقا للمناسبة.

 

وفي إطار خطة منظمة اليونسكو للحفاظ على التراث الثقافي غير المادي، وإمكانية توظيف عناصره من أجل تحقيق تنمية مستدامة لأصحاب هذا التراث، وتنمية الحوار بين الثقافات فقد تم الاتفاق على "جمع وتوثيق الاحتفالات الشعبية المصرية" بين المنظمة (المكتب الإقليمي بمصر) وبين "الجمعية المصرية للمأثورات الشعبية NGO  وذلك ضمن "مخطط اليونسكو للبحر المتوسط"، بمنحة من "اللجنة الأوروبية" في مصر.

 

المشروع:

 

            يهدف المشروع كما حددته منظمة اليونسكو إلى تنمية الحوار بين ثقافات منطقة البحر المتوسط عن طريق حماية الاحتفاليات التقليدية المصرية والفنون والعروض التي تشيع فيها وترويجها. ويجري المشروع في نطاق (شبكة الاحتفاليات التقليدية للبحر المتوسط) "احتفاليات الشمس" الذي يضم مجموعة من دول البحر المتوسط وبمنحة من اللجنة الأوروبية (تراث المتوسط)، وقد تم القيام بهذا المشروع خلال الفترة من 15/3/2008 إلى 26/2/2009 .

 

الأغراض العامة:

 

يهدف المشروع إلى:

 

1- توثيق الاحتفاليات التقليدية المصرية بما تضمه من فنون وعروض (التي لم توثق حتى الآن)، من أجل دراستها، ومتابعتها، وإنقاذها وترويجها، وذلك من خلال وضعها على خريطة السياحة الثقافية، لصالح التنمية المستدامة للمجتمعات المحلية غير المتميزة والحوار الثقافي في منطقة أوروبا/البحر المتوسط .

 

2- الإسهام في الحوار الفعّال والتفاهم في منطقة أوروبا/البحر المتوسط عن طريق حماية التراث المصري غير المادي وترويجه بوصفة مكونا أساسيا في التراث الثقافي العام لمنطقة أوروبا/البحر المتوسط .

 

3- رفع وعي المجتمعات المحلية المهتمة بقيمة تراثها غير المادي (بما في ذلك قيمته الاقتصادية لصالحها) بوصفه إسهامها في تراث وهُوية منطقة أوروبا/البحر المتوسط .

 

4- زيادة سبل الدخل في هذه المجتمعات المحلية من خلال التنمية المستدامة المحلية لهذا التراث غير المادي .

 

الغرض المحدد :

 

            رفع الوعي وإشراك السلطات القومية المصرية والجهات الأهلية في حماية هذا التراث غير المادي وترويجه كقوة دافعة لاقتصاد مستدام، ومن ثم كفالة استدامة المشروع.

 

منهج الدراسة :

 

أ- النطاق الجغرافي

 

                        يشمل النطاق الجغرافي الذي تم الجمع فيه مصر كلها، وبالطبع لم يكن من الممكن تغطية كل الاحتفالات وعلى ذلك فقد تم اختيار عينات ممثلة بحيث تعطي صورة متكاملة عن هذه الاحتفالات وما تضمها من فنون متعددة، موسيقيه وحركية ..الخ في شمال مصر (الدلتا) وجنوبها (الصعيد) وشرقها (الصحراء الشرقية) وغربها (الصحراء الغربية).

 

            وقد تم رصد مجموعة من الممارسات وتقاليد وفنون العرض المتنوعة، تمثل الاحتفالات المصرية التي تخص المصريين جمعيا ولا تحمل مضمونا دينيا كالاحتفالات بشم النسيم، ووفاء النيل، وتعامد الشمس على معبد أبو سمبل في أقصى جنوب مصر. كما تم جمع وتوثيق الاحتفالات الدينية للمسلمين والأقباط، وهي أيضا احتفالات يشارك فيها المصريون جميعا .

 

            وحرص المشروع على أن يقدم عينات ممثلة لهؤلاء الأولياء والقديسين المشهورين في الثقافة المصرية عامة إلى جانب بعض الأولياء والقديسين الأقل شهرة.

 

ب- مراحل تنفيذ عمليات الجمع والتوثيق:

 

قامت الجمعية المصرية للمأثورات الشعبية بتدريب عدد من الباحثين تحت إشراف الأساتذة المتخصصين من أعضاء الجمعية. وبلغ عدد هؤلاء الباحثين 20 باحث .

 

مراحل تنفيذ العمل الميداني:

 

            تم تدريب الجامعين الميدانين من أجل تنمية مهاراتهم لمدة أسبوعين على أساليب الجمع الميداني في مناسبات الاحتفال التي حددها المشروع وفقا للإمكانات المتاحة والمدة الزمنية المحددة بمقر الجمعية المصرية للمأثورات الشعبية كما تم تدريب الجامعين على استخدام أجهزة التسجيل المختلفة من كاميرات فوتوغرافية وكاميرات فيديو وأجهزة تسجيل صوت على يد متخصصين في التصوير واستخدام أجهزة التسجيل وإرسال المواد المجمعة من الميدان عن طريق الإنترنت، وبالتركيز على تعويدهم على الألفة مع التكنولوجيا المعاصرة ..الخ، كما تم تدريبهم أيضا على تفريغ المواد المجموعة من الميدان وتصنيفها ووصف مظاهر الاحتفالات والعادات والتقاليد ورصد المعارف التقليدية.. الخ على نحو علمي دقيق.

 

احتياجات العمل الميداني:

 

            تم تزويد الجامعين الميدانيين بأجهزة تصوير فوتوغرافي وفيديو وتسجيل صوتي، وكذلك جهاز حاسب آلي محمول لكل جامع .

 

اسلوب العمل والمعلومات المطلوب جمعها:

 

            لما كان الهدف من هذا المشروع هو إقامة قاعدة بيانات عن الاحتفالات -وما يشيع فيها من أشكال أداء وعروض فنية- بكل جوانبها وإيجاد نظام لحفظ المعلومات الخاصة بكل جانب منها وتصنيفها واسترجاعها، فقد تم إعداد دليل عمل ميداني لمساعدة الجامعين في ضبط عمليات الجمع وتسجيل المعلومات والمظاهر الاحتفالية المتعددة. وقد بدأ العمل بالقيام بمسح ببلوجرافي أولي للمواد الخاصة بالاحتفالات الشعبية ليكون أساسا ومرشدا للجامعين. وتم تكوين فريق عمل، كل فرقة مكونة من ثلاثة جامعين ميدانيين تحت إشراف باحث متمرس لجمع كل المعلومات الخاصة بالاحتفالات، وتسجيل كل مظاهر الاحتفالات الحية بما تحويه من عادات وتقاليد ومعارف وعناء وموسيقى ورقص، وألعاب، ووسائل ترفيه، وأطعمة، وحرف وأزياء خاصة.. الخ.

 

الاحتفالات:

 

            الاحتفالات العامة في مصر هي تلك الاحتفالات التي يحتفل بها معظم المصريين، وقد تكون خاصة بمناسبات دينية سواء للمسلمين أو المسيحيين أو بمناسبات موسمية مثل شم النسيم ووفاء النيل.

 

            وتتخذ الاحتفالات شكل الاعياد الشعبية التي يغلب عليها الفرح والبهجة. وتتمايز تلك الاحتفالات وفقا للمناسبة التي تعبر عنها.

 

            ويعد الاحتفال بالعيدين الصغير والكبير (عيد الفطر وعيد الأضحى) من أهم الاحتفالات الدينية عند المسلمين يسبقها الاحتفال الموسع بشهر رمضان بالإضافة إلى احتفالات دينية أخرى  موزعة على العام الهجري، والتي تبدأ بالاحتفال برأس السنة الهجرية، ثم عاشوراء، فالمولد النبوي الشريف، وليلة السابع والعشرين من رجب، وليلة النصف من شعبان ويطلق الناس على تلك الاحتفالات مواسم وليس أعيادا كما هو الحال بالنسبة للعيدين.

 

            وقد رتبت الكنيسة القبطية بمصر من ناحية الطقس الكنسي الأعياد إلى أعياد (سيدية كبرى) مثل عيد القيامة، وأخرى صغرى مثل عيد الختان.

 

            وقد أعتاد المصريون على الاحتفاء بأولياء الله الصالحين وكذلك القديسين من خلال إقامة احتفالات تخص الولي أو القديس، ويطلق المصريون على هذا النوع من الاحتفال مسمى موالد.

 

            وبالرغم أن كلمة موالد شائعة الاستخدام إلا أن الاحتفال بيوم نياحة (وفاة) أو استشهاد القديس هو مناسبة الاحتفال عند المسيحيين، وليس بالضرورة يوم الميلاد.

 

            وقد يرجع هذا القدر الكبير من التقديس والاحتفال عند المصريين إلى موروث ثقافي قديم يرجع إلى عصر الفراعين إذ اعتاد المصريون القدماء على الاحتفال بالآلهة التي تتبع الأقاليم المصرية المختلفة في ذلك الزمان.

 

            وأقرب مثال علي ذلك عيد القديسين شنودة رئيس المتوحدين في سوهاج الذي يعود الاحتفال به إلي القرن الرابع الميلادي علي أطلال المعابد الفرعونية بسوهاج. عرفت مصر  -على أية حال- بكثرة الأولياء والقديسين الذين تتفاوت مراتبهم من حيث الشهرة والمكانة، ولعل من أشخر من احتضنتهم آل البيت كالسيدة زينب والإمام الحسين والإمام علي زين العابدين والسيدة نفسية والسيدة سكينة، كذلك اهتم المصريون بالاحتفال بموالد أولياء الله الصالحين من الأقطاب الكبار مؤسسي الطرق الصوفية في مصر كالسيد البدوي وإبراهيم الدسوقي واحمد الرفاعي وأبو الحسن الشاذلي. بالإضافة إلى عدد كبير من شيوخ الطرق الصوفية وأتباعهم.

 

            وعرفت مصر أيضا عددا من الاحتفالات القبطية التي تخص السيدة العذراء والرسل والقديسين والشهداء، وقد دونت هذه المناسبات في كتاب (السينكسار)، ولا يكاد يمر يوم دون قراءة سيرة قديس أو شهيد في أغلب أيام العام بالكنيسة، بينما يحتفل الناس بطرقهم الخاصة بسيرة بعض القديسين والشهداء مثل السيدة العذراء والقديس مار جرجس والقديس سيدهم بشاي وأبو سيفين وبرسوم العريان إلى آخره.

 

ولعل أشهر الاحتفالات الشعبية هي تلك الاحتفالات التي يقوم بها أعضاء الطرق الصوفية، فقد أوجدت حركة التصوف الإسلامي نشاطا روحيا ذا طابع خاص في مصر، وكان من نتاج ذلك أن أقبل المصريون علي كبار مشايخ  التصوف من المصريين أو ممن وفدوا إليها من الشرق منذ القرن الخامس الهجري، وفي القرن السادس الهجري ظهرت مجموعة من الطرق الصوفية الرفاعية التي مازالت موجودة إلى الآن مثل الطريقة والطريقة القادرية المنسوبتان إلي أحمد الرفاعي وعبد القادر الجيلاني، كما ظهرت في صعيد مصر الطريقة القنائية نسبة إلي  عبد الرحيم القنائي، ولعب قيام الزوايا والخانقاوت ومفردها (خانقاه) دورا مهما في هذا المجال.

 

            ولم يقتصر وفود مشايخ الطرق إلي مصر علي المشرق العربي، بل وفد إليها كثير من صوفية المغرب وعلي رأس هؤلاء السيد أحمد البدوي الذي أسس الطريقة الأحمدية في طنطا، والشاذلي وتلميذه أبو العباس المرسي الذي أسس الطريقة الشاذلية، وظهر في مصر إبراهيم الدسوقي الذي أسس الطريقة البرهامية في (دسوق)، ولهذا تختلف أسماء الطرق باختلاف أسماء مؤسسيها، فضلا عن الاختلافات الأخرى في الرسوم والشعائر كالأحزاب والأوراد التي يرددها أتباع كل طريقة في الحضرات الصوفية التي تميز كل طريقة.

 

            وقد شهد العصران المملوكي والعثماني انتشار واسعا للطرق الصوفية، فاكتظت الشوارع بالمواكب وانتشر الشيوخ والأتباع  في الريف المصري وفي الحضر علي حد سواء.

 

            وعرف شيخ كل طريقة بشيخ السجادة، وأصبحت في مصر أربع سجاجيد كبيرة وهي الرفاهية وعمامتهم سوداء، والقادرية وعمامتهم بيضاء، والأحمدية وعمامتهم حمراء، والبرهامية وعمامهم خضراء.

 

            وتأسست في النصف الثاني من القرن التاسع عشر المشيخة العامة للطرق الصوفية التي تتولي الإشراف علي الطرق، والتي يبلغ عددها حاليا حوالي 76 طريقة، ويقدر أتباعها بحوالي 8 ملايين مصري. وتلعب الطرق الصوفية ولا تزال دورا مهما في التعريف بالأولياء الذين تنتسب إليهم وتنظيم الاحتفال بموالدهم وإحياء الأنشطة الشعبية التي تمارس فيها رعاية أضرحتهم كالحضرات والمواكب والخدمات التي تقدم الطعام والشراب لزوار الموالد.

 

ومن أهم الممارسات التي يمارسها المحتفلون بالمولد الحضرة ويقوم بها عادة أعضاء في الطرق الصوفية، وتتم بأن يتجمع أتباع الطريقة في يوم محدد بصفة دورية للقيام بها ويشيع في الحضرة "الذِّكر" وهو غناء ديني يصحبه حركات موقعة. ويصطف تقليديا المشاركون في الحضرة/الذِّكر عادة في صفين متقابلين، يتمايلون يمينا ويسارًا مرددين "الله حيّ". ويقف على رأس الصَّفَّيْن "منشد" ينشد شعرًا فصيحا في مدح الرسول عادة، ومن أنواعها الحضرة المرتبة أو الحضرة الصغرى، ومنها الحضرة الكبرى أو الحضرة الجامعة التي تقام في أحد المساجد الكبري وتتمثل في ترتيل الأحزاب والأوراد وإنشاد الشعر بقيادة شيخ الطريقة، ومن أشهرها الحضرات التي تقام في مسجد الإمام الحسين والسيدة زينب والسيدة نفيسة وعلي زين العابدين والرفاعي. وقد يقتصر مفهوم الحضرة في بعض الطرق  علي إقامة الندوات والاجتماعات لأتباع الطريقة دون أداء الذكر المعروف.

 

            كما يزدهر نوع آخر من الحضرات يقام خارج المسجد في سرادقات تقيمها الطرق احتفالا بموالد الأولياء، وفي هذه الحضرة يحرص شيخ الطريقة بالإضافة إلي أداء الأحزاب والأوراد علي استقدام منشدين محترفين لقيادة الذكر، وينشد هؤلاء المنشدون عادة القصائد التراثية المعروفة لشعراء الصوفية الكبار مثل ابن الفارض وابن عربي والبوصيري والششتري وغيرهم، كما ينشدون الأزجال والمواويل التي تدور في الإطار الصوفي عن الحب الإلهي، والخمر الصوفية، ومدح النبي (ص) وآل البيت والتوسل بالأولياء (طلب المدد).

 

            ويقابل الحضرة في الاحتفالات التي تختص بأقباط مصر ما يعرف (بالمدائح) أو (التمجيد) وتقدم أغلب أيام السنة، حيث يلتف محبو القديس أو الشهيد حول مكان دفنه (رفاته) سواء داخل الكنيسة أو الدير، ويقومون بإنشاد أشعار تحكي سيرته ومعاناته واستشهاده حاملين الشموع والنذور والهدايا، طالبين شفاعته وعونه لهم في زمن غربتهم أي حياتهم علي الأرض، علي اعتبار أن الحياة الأبدية هي منتهي آمالهم.

 

وتعد المواكب أحد أهم مظاهر الاحتفال في الموالد المصرية، وغالبا ما تتم بعد صلاة العصر في اليوم الأخير من الاحتفال بالمولد (الليلة الكبيرة) بالنسبة للمسلمين، ويقوم أتباع الطرق الصوفية بتنظيم هذه المواكب التي تسير وفق نظام معين.

 

            ينطلق أتباع كل طريقة من مكان قريب من ضريح الولي صاحب المولد يحملون البيارق والأعلام المميزة للطريقة، ويرتدي كل فريق الزي الذي يميز طريقتهم، كما يلفون أجسامهم بشارات خاصة، وتصحب كل جماعة فرقة موسيقية محملة علي عربة وهم يرددون الأذكار والأشعار أثناء سيرهم في الموكب.

 

            وتصحب بعض الطرق الطبول في تنظيم سير المواكب ومن ذلك الطبل الكبير والدفوف والنقارات. وعندما يصل الخليفة إلي ساحة مسجد الولي يقرأ المشاركون الفاتحة بشكل جماعي في حضرة شيخ مشايخ الطرق أو من ينوب عنه وعندئذ ينفض الموكب مع صلاة المغرب.

 

            وتعرف بعض المناطق زفة المولد أو زفة الخليفة، وفي هذه الزفة يركب خليفة الطريقة الصوفية التي ترعي المولد حصانا مزينا ويتبعه أتباع الطريقة والمنشدون يرتلون الأحزاب وينشدون الأشعار، بينما يُحمل - في موكب الزفة علي عربات- نماذج للأنشطة الحرفية في القرية تمثل أصحابها، كالنجارين والحدادين والخبازين وغيرهم في مشهد كرنفالي بهيج.

 

            ويقابل الموكب في الاحتفالات القبطية،( دورة الأيقونة) وهي عبارة عن صورة أثرية للقديس عادة ما تكون مرسومة بالطريقة التقليدية لرسوم الإيقونات ومذهبه حول  رأس القديس أو الشهيد، تزف الأيقونة التي يحملها رجال الدين في الكنيسة مع الصلبان والبخور، في دورات داخل الكنيسة وخارجها إذا  كان الاحتفال يمتد إلي خارج الكنيسة، مصحوبا بتمجيد للقديس من عامة الناس المشاركين في الاحتفال. وتكون هذه المواكب في يوم استشهاد أو نياحة القديس.

 

والخدمة هي أحد العناصر الأساسية في الاحتفال بالمولد وتمم عادة بإقامة سرادق أو خيمة تقدم فيها أنواع الطعام والشراب للمشاركين في المولد. ويقوم علي تجهيز الخدمة أحد أتباع الطرق الصوفية الذين اعتادوا إقامة مثل هذه الخدمات. وتساعد النساء في تجهيز الطعام وطهي  اللحوم والخضروات وتقديمها لمن يرغب دون مقابل (لوجه الله). وغالبا ما يتحمل نفقات هذه الخدمة شيخ الطريقة وأتباع الطريقة الذي يتلقون النذور والصدقات من بعض الأثرياء في قراهم أو مدنهم المحلية ويحملونها معهم إلي ساحة الموالد لتقديمها في الخدمة.

 

            وتقدم الخدمة في أغلب أديرة مصر أثناء الاحتفالات عن طريق الرهبان الموجودين تحت التمرين، حيث تقدم الخدمة سواء كانت توفير الأماكن لإقامة الزائرين أو تقديم الأطعمة والمشروبات والإسعافات الأولية. ويتم تمويل الخدمة من التبرعات والنذور التي تقدم للدير أو باسم المحتفل به، أما الاحتفالات التي تقام خارج الأديرة فلا توجد في أغلبها أي خدمات مجانية مثلما يحدث داخل الدير.

 

            ويحتل الوفاء بالنذور أهمية خاصة لدى من يعتقدون في الولي أو القديس إذ يعد أحد مظاهر تكريم هذا الولي، أو القديس التي تعكس الاعتقاد في قدراته، ويخصص في ضريح كل ولي صندوق للنذور المالية التي توجه للصرف علي الضريح والتصدق علي المحتاجين وهناك أناع متعددة من النذور، فبالإضافة إلي النذور المالية هناك النذور العينية والذبائح أو الأضاحي التي تقدم كطعام لزوار المولد.

 

            والنذر في جوهره التزام بقطعه الناذر علي نفسه معلقا إياه علي تحقيق أمنية معينة أو درء شر كان يقول "إذا شفي ابني المريض فسوف أذبح خروفا للسيد البدوي مثلا، أو سأتبرع بكذا (مبلغ من المال) لرئيسة الديوان (السيدة زينب رضي الله عنها).

 

            وتعد الموالد مناسبة عظيمة لتقديم النذور، حيث يزداد بشكل لافت للنظر زوار الضريح الذي يوفون بنذرهم في هذه المناسبة.

 

            وتختلف أشكال النذور في الاحتفالات  القبطية، ولا يرتبط تقديمها بمواسم معنية، ولكن في الغالب تقدم أثناء الاحتفال بالقديس أو الشهيد، وتتراوح النذور بين تقديم الأضاحي من الحيوانات، وتقدم الشموع والأموال أو تقديم الستر أي ستارة الهيكل داخل الكنيسة أو الدير، مرسوما عليها صورة القديس بطريقة التطريز، أو  إعانة  الفقراء، وتجديد الأيقونة وتقديم الورود والعطور المخصصة لعمل الحنوط الذي يقدم في الاحتفال السنوي للشهيد أو القديس،  حيث  يتم استخراج الجسد الخاص به، ويعاد تطييبه، وتوزيع الحنوط المتبقي علي المشاركين في الاحتفال.

 

            ولا يقتصر مظاهر الاحتفالات على ما يرتبط بالولي أو القديس وكراماته من مديح وإنشاد وذكر، وخدمة المحتفلين فحسب، بل تتعدد الأنشطة الترويجية في الموالد والاحتفالات سواء كان طابعها إسلاميا أو قبطيا ومن أهم مظاهرها: الرقص واللعب بالعصا (التحطيب) علي أنغام المزمار والطبول، وكذلك ألعاب الحواة وألعاب القوة كضرب المدفع أو ألعاب النيشان بالبنادق، وكذلك المراجيح الدوارة التي تخصص للأطفال أو الكبار. وهناك بعض ألعاب التسلية الأخرى كلعب الورق واليانصيب والبخت.. إلخ.

 

            وقد اعتادت الفئات التي تقدم هذه الأنشطة أن تنتقل من مولد إلي آخر، فهؤلاء يكادون يعرفون مواعيد الموالد بدفة أما المشاركون في الموالد فينتهزون هذه المناسبة للترويح عن أنفسهم بممارسة هذه الألعاب. وفي الموالد الكبيرة تقدم فقرات السيرك المتنوعة مقابل مبالغ يدفعها المتفرجون.

 

            وتعرف واحة سيوة احتفالاً خاصا بها يسمى احتفال السياحة وهو احتفال محلي كبير يتم في واحة سيوه في شهر أكتوبر من كل عام. وينتقل أهل سيوة من أبناء القبائل والجماعات المختلفة إلي جبل الدكرور علي بعد حوالي 5 كيلو مترات من مركز مدينة سيوة للمشاركة في الاحتفال. وتشترك الجماعات المختلف في إعداد الطعام والشراب وتوزيعه بطريقة جماعية علي المشاركين. وخلال اليومين أو الثلاثة التي يتم فيها للاحتفال يقوم المشاركون بممارسة الرقص والسمر والإنشاد علي جبل الدكرور. ثم يهبط المشاركون إلي ساحة المدينة بجوار ضريح سيدي سليمان أكبر أضرحة الواحة، والذي يقع بجوار مسجد الملك، حيث يختتم الاحتفال. وكان هذا المكان قديما مجالا (لاحتفالات الحصاد في الواحة وكان يسمي) تمجرا.

 

شم النسيم

 

            وهو عيد مصري كان عند المصريين القدماء - وما يزال عند المصريين المعاصرين- يرمز إلى تجدد الحياة واستمرارها. ويرجع الاحتفال به إلى ما يزيد على خمسة آلاف عام، إذ يذكر بعض المؤرخين أنه كان معروفا في "أون" "هليوبوليس" في عصر ما قبل الاسرات، وأن المصريين القدماء كانوا يعتقدون أن ذلك اليوم هو بداية الزمان ويحددونه بتساوي الليل والنهار وقت حلول الشمس في برج الحمل. وجدير بالذكر أن كثيرًا من الأعياد المصرية كانت ترتبط بالظواهر الفلكية وانعكاساتها على حياتهم، وبالزراعة أيضا، كما يذكرون أن التسمية جاءت من الكلمة الفرعونية "شمو".

 

            ومن الملاحظ أن الاحتفال بقدوم الربيع شائع وموجود في كثير من الثقافات الإنسانية وتختلف بالطبع طرق الاحتفال من شعب إلى آخر، وقد تتغير من عصر إلى عصر، أو قد تتخذ أشكالاً مختلفة، إلاّ أن الاحتفال بشم النسيم المصري يكاد يكون الاحتفال الوحيد الذي لم يتغير شكله أو ممارساته على مرّ الزمان. وقد وصف "إدوارد وليم لين" الاحتفال في القاهرة في القرن 19 فذكر أن أهلها كانوا يبكرون بالذهاب إلى الريف المجاور، راكبين أو راجلين، ويتنزهون في النيل ليتنسموا الهواء العليل، إعتقادًا منهم أن النسيم في هذا اليوم له تأثير عظيم على الصحة، وأنهم كانوا يتناولون غذاءهم في الريف أو على المراكب في النيل. وما زال المصريون جميعا يحتفلون بهذا اليوم بالخروج إلى النيل والحقول والحدائق حاملين معهم أطعمة معينة لا يتناولونها مجتمعة إلا في هذا اليوم. تشمل هذه الأطعمة البيض والفسيخ والرنجة والسردين والخس والبصل والملانة (الحُمّص الأخضر).

 

            وإذا تأملنا هذه الأطعمة سنجد أن كلاً منها يرمز إلى شيء وثيق الصلة بحياتهم:

 

- البيض:

 

ويرمز لخلق الحياة من الجماد وكانوا ينقشون عليه دعواتهم وأمنياتهم ويضعونه في سلال من سعف النخيل يعلقونها على شرفات المنازل وأبوابها أو على الأشجار لتحظى ببركة النور الإلهي عند شروق الشمس. وقد ذكر هيرودوت المؤرخ اليوناني الشهير أنهم كانوا يأكلون:

 

- السمك المملح (الفسيخ السردين):

 

ويرمز السمك إلى التكاثر، وربما كان تناول الأسماك المملحة ذا علاقة بالأسطورة المصرية القديمة "ايزيس و أوزوريس" ويأكلون أيضا:

 

- البصل:

 

وهو رمز لإرادة الحياة وقهر الموت والشفاء من الأمراض. وكانوا يعلقونه وما زالوا حول رقابهم ويضعونه تحت الوسائد لاعتقادهم في قدرته على طرد الأرواح الشريرة، ونظرًا أيضا لما يحتويه من قيم غذائية مرتفعة.

 

- والخسّ:

 

الذي اعتبره المصريون القدماء من النباتات المقدسة وأنه رمز للإخصاب وأنه يريد من معدل الخصوبة لديهم، وبالمناسبة فقد تم علميا اكتشاف أن زيت الخسّ يزيد من الخصوبة لاحتوائه على فيتامين (هـ).

 

- والملانة (الحمّص الأخضر):

 

إذ كانوا يعتقدون أن نضج ثمرة الحمّص علامة على مقدم الربيع، واعتدال الجو، وتجدد الحياة.

 

            لقد اتخذ الاحتفال بهذا اليوم دلالات متعددة لدى أصحاب الديانات السماوية المختلفة، لكن المصريين ظلوا يحتفلون به بطريقة واحدة على اختلاف دياناتهم ويمارسون العادات نفسها، ويتناولون الأطعمة نفسها، ويتبادلون التهاني نفسها... فهل هذا حرام!!!

 

الاحتفال بتعامد الشمس على معبد "أبو سمبل"

 

            يعد معبد أبو سمبل أكبر معبد منحوت في الصخر في العالم كله، وهو تحفة معمارية بلا جدال، لما يتميز به من إبداع هندسي، وجمال فني.

 

            ويقع المعبد الآن على  ربوة عالية، على بعد حوالي 300 كم جنوب أسوان، بعد نقله من مكانه الأصلي الذي تهدده الغرق بسبب بناء السد العالي أواخر الستينات من القرن الماضي. وإلى جانب ما يتصف به المعبد من خصائص دينية ودنيوية، شأنه في ذلك شأن معظم المعابد المصرية القديمة، فإن هذا المعبد يتميز بخاصية أو ظاهرة فريدة لا مثيل لها في المعابد الأخرى في مصر القديمة أو في العالم كله. هذه الظاهرة هي دخول أشعة الشمس في الصباح الباكر في يومين محددين سنويا إلى قدس الأقداس... فبينما تظل معظم أجزاء المعبد الداخلية غارقة في الظلام معظم أيام السنة، إلا أن الأمر يتغير تماما خلال يومي 22 فبراير، 22 أكتوبر من كل عام إذ تتسلل أشعة الشمس إلى قدس الأقداس الذي يبعد مكانه حوالي ستين مترًا عن المدخل كي يسطع ضوؤها على التماثيل الأربعة لـ "حور، أختي، تباح، ورمسيس الثاني نفسه مع الإله آمون رع".

 

وقد وصفت إميليا ادواردز هذه الظاهرة في كتابها المنشور عام 1899م (ألف ميل فوق النيل) بما يلي:

 

تصبح تماثيل قدس الأقداس ذات تأثير كبير وتحاط بهالة جمالية من الهيية والوقار عند شروق الشمس وسقوط أشعتها عليها، فإن أي مشاهد إذا لم يراقب سقوط أشعة الشمس هذه يساوره شك في أثرها القوي المحسوب  بدقة حسب علم الفلك والحساب عند قدماء المصريين حيث حسب بدقة ووجه نحو زاوية معينة حتى يتسنى سقوط هذه الأشعة على وجوه التماثيل الأربعة.

 

ففي الساعة السادسة وخمس وعشرين دقيقة في يوم 21 فبراير، أو الساعة الخامسة وخمس وخمسون دقيقة في يوم 21 أكتوبر بالضبط من كل عام يتسلل شعاع الشمس في نعومة ورقة كأنه الوحي يهبط فوق وجه الملك رمسيس ويعانقه ويقبله، فيض من نور يملأ قسمات وجه الفرعون داخل حجرته في قدس الأقداس في قلب المعبد المهيب، إحساس بالرهبة والخوف، رعشة خفيفة تهز القلب، كأن الشعاع قد أمسك بك وهزك من أعماقك بقوة سحرية غامرة، أي سحر وأي غموض يهز كيانك وأنت تعيس لحظات حدوث المعجزة، ثم يتكاثر شعاع الشمس بسرعة مكونًا حزمة من الضوء تضيء وجوه التماثيل الأربعة داخل قدس الأقداس.

 

ويُعتقد أن الاحتفال بيوم 22 أكتوبر يوافق يوم ميلاد رمسيس الثاني، وأن الاحتفال بيوم 22 فبراير كان هو يوم تتويجه فرعونا على مصر، على أن هناك تفسيرًا أخر يرى أن 22 أكتوبر يوافق بداية السنة الزراعية المصرية بعد انحسار ماء الفيضان، وأن 22 فبراير يوافق بداية موسم بعض المحاصيل التي تركل خضراء مثل الفول والبصل وغيرها.

 

على أية حال تجذب هذه الظاهرة الفريدة الآلاف من المصريين والسائحين كل عام لمشاهدتها والاحتفال بها في أبو سمبل، حيث يبدأ الجميع في التوافد أمام المعبد بعد الفجر مباشرة ليقفوا في صفين متقابلين كي يسمحوا لأشعة الشمس بالدخول إلى المعبد. وبعد أن تنتهي الظاهرة يستكمل الاحتفال بالرقص والغناء الذي يشارك فيه الجميع.

 

وهذا هو ما تم إنجازه خلال هذه الفترة (من 15/3/2008 إلى 26/2/2009):

 

1- تسجيل صوتي لمقابلات ومواد شفاهية 40 ساعة.

 

2- تسجيل مرئي (فيديو) لمظاهر الاحتفالات 14969 صورة.

 

((ملحق 1) بيان بالاحتفالات التي تم تسجيلها وعددها 23 احتفالا، وكذلك فريق العمل الذي قام بإنجاز العمل)

 

وقد أقيمت احتفالية شاملة بعد الانتهاء من عمليات الجمع والتوثيق خلال الفترة من 5 - 7 مارس 2009 كمقدمة للاحتفال بأهم الموالد الإسلامية وهو مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم (9 مارس) على أن تكون هذه الاحتفالية ممثلة لكل الاحتفالات التي تم توثيقها على نحو طبيعي وذلك في أحد أقدم الأحياء الشعبية المصرية هو حي الخليفة الذي يوجد به مجموعة من أهم آثار القاهرة الفاطمية والأيوبية والمملوكية يشارك فيها باحثون من  بعض دول البحر المتوسط.

 

النتائج:

 

            تم إنشاء "قاعدة بيانات" عن الاحتفالات الشعبية المصرية الرئيسية تضمنت كل مظاهر هذه الاحتفالات وما يرتبط بها من عادات وتقاليد وممارسات، وما تحتويه من فنون وحرف ووسائل تسلية وترفيه، وما يقدم من أطعمة ومشروبات.. الخ.

 

            وقد كانت قاعدة البيانات حصيلة عمل ميداني (23 رحلة ميدانية) استمر لمدة عام تقريبا. ووفقا لما كان متفقا عليه، فقد أقيم خلال الفترة من 5 إلى 7 مارس 2009، احتفال يمثل هذه الاحتفاليات بدأ مساء يوم الخميس 5/3/2009 إيذانا ببدء الاحتفال بمولد النبي عليه الصلاة والسلام وذلك في قصر الأمير طاز، وهو قصر أثري بأحد الأحياء الشعبية (حي الخليفة) بمدينة القاهرة .

 

            شارك في هذا الاحتفال آنذاك الأستاذ الدكتور طارق شوقي مدير المكتب الاقليمي لليونسكو بمصر والسيد أنطونينيوكريا ممثل اللجنة الأوروبية في مصر، والدكتور جيرار دي بوميج رئيس القسم الثقافي بالمكتب الإقليمي لليونسكو بمصر والآنسة جيهان عبد الملك من القسم الثقافي باليونسكو والأستاذ الدكتور أليساندرو فالاسي أستاذ الأنثروبولوجيا الثقافية من ايطاليا، والأستاذ الدكتور أحمد مرسي رئيس الجمعية المصرية للمأثورات الشعبية (مدير المشروع) والدكتور سميح شعلان عضو الجمعية (الباحث الرئيسي) وأعضاء الفريق الذي قام على جمع وتوثيق الاحتفالات.

 

            وبدأ الاحتفال بموكب يمثل احتفالاً شعبيا بمولد النبي الذي يحل الاحتفال به في نفس الفترة (9 مارس)، شارك فيه ممثلو الطرق الصوفية، والجمهور، سار في الشارع المؤدي إلى قصر الأمير طاز حيث تقام فعاليات الاحتفال. وقد استغرق هذا الموكب حوالي 45 دقيقة من الموسيقى والغناء والذكر.

 

            ثم دخل الموكب إلى فناء القصر حيث ألقيت كلمات افتتاحية بدأها الدكتور أليساندرو فالاسي الذي ذكر أن إتمام هذا المشروع كان بمثابة الحلم بالنسبة له، وأنه بتوثيق الاحتفالات الشعبية المصرية تكتمل منظومة احتفاليات البحر المتوسط ثم تحدث الدكتور طارق شوقي فعّبر عن سعادته بإنجاز هذا المشروع الذي يوليه اليونسكو أهمية كبرى في إطار برنامجه للحفاظ على التراث الثقافي غير المادي، وتعزيز التنوع الثقافي كما أشاد بالتعاون البناء بين اليونسكو والجمعية المصرية للمأثورات الشعبية، وشكر اللجنة الأوروبية على إسهامها في تنفيذ المشروع.

 

            كما تحدث الدكتور أحمد مرسي والدكتور جيرار دي بوميج عن التجربة المتميزة في التعاون بين اليونسكو والجمعية المصرية للمأثورات الشعبية، وأنه لولا هذا التعاون لما أمكن إتمام هذا المشروع، وعرض الدكتور سميح شعلان لخطة العمل التي اتبعت، ووجه الشكر للزملاء الذين شاركوا في تحقيقها.

 

            وتلا ذلك افتتاح معرض صور يمثل المظاهر المتعددة التي تتضمنها الاحتفالات الشعبية المصرية. وقد ضم المعرض 110 صورة فوتوغرافية تغطي كافة عناصر الاحتفالات. وبعد أن انتهى افتتاح المعرض الذي شاهده مسئولون مصريون وممثلون لسفارات دول البحر المتوسط المتعمدون في القاهرة، وبعض الدبلوماسيين من دول أوروبا، وجمهور كبير من المصريين، بدأ احتفال شعبي في أرجاء القصر يمثل ما يدور في الاحتفالات الشعبية المصرية من غناء ورقص وألعاب ووسائل ترفيه وأطعمة ومشروبات وحلوى كانت تقدم للضيوف والجمهور مجانا من جانب الجمعية المصرية للمأثورات الشعبية وقد استمر الاحتفال حوالي 4 ساعات .

 

            وفي اليوم التالي الجمعة 6/3/2009، نظم موكب آخر تلاه عرض أفلام فيديو عن الاحتفاليات الشعبية في بعض بلاد البحر المتوسط، وألقى الدكتور أليساندرو فالاسي محاضرة عن المشروع، وقدم نموذجا لتوثيق الاحتفالات هو احتفال "الباليو" في "سيينَّا" بإيطاليا تلاه تقديم النموذج المصري قام الدكتور أسعد نديم والدكتور سميح شعلان بالتعليق عليه. ثم بدأت بعد ذلك عروض شعبية استمرت حتى العاشرة مساءً. وقد صاحب ذلك إقامة معرض للكتب الخاصة بالمأثورات الشعبية من إصدارات الهيئة المصرية العامة للكتاب، كما تم توزيع الكتيب الذي اصدره المشروع عن الاحتفالات الشعبية المصرية وكذلك الكتيب الخاص بجمع وتوثيق السيرة الهلالية وهو المشروع الذي قامت به الجمعية بالتعاون مع اليونسكو أيضا.

 

            وفي اليوم الثالث السبت 7 مارس 2009، دعى المشاركون في الاحتفالية لزيارة بيت الخرزاتي (بيت أثري يقع في حيّ الجمالية وهو حيّ شعبي من أحياء القاهرة الفاطمية) للتعرف على مشروع "توثيق وتنمية المأثورات الشعبية" الذي يموله الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي وتنفذه "الجمعية المصرية للمأثورات الشعبية" ويهدف إلى إنشاء قاعدة بيانات علمية للمأثورات الشعبية (التراث الثقافي غير المادي).

 

            تلا ذلك دعوة الزائرين لتناول غذاء شعبي، وتقديم نماذج من الغناء والرقص الشعبي المصري. بعد ذلك عقد اجتماع ضم الدكتور أليساندرو فالاس والدكتور جيرا ردي بوميج، والآنسة جيهان عبد الملك والدكتور أسعد نديم والدكتور أحمد مرسي لمناقشة موضوع إنشاء شبكة الاحتفالات الشعبية في البحر المتوسط. وقد تم الاتفاق على ضرورة إنشاء هذه الشبكة وتبادل المواد الخاصة بالاحتفالات، ودراسة إمكانية عقد احتفالية كبرى تضم احتفاليات البحر المتوسط تتضمن معرضا وعروضا وأفلاما ومجموعات شعبية وورش عمل.. إلخ وأن يكون ذلك في مصر على أن تتكرر مثل هذه الاحتفالية بالتبادل بين بلدان البحر المتوسط كل عام أو عامين.